مؤتمر المدارس الكاثوليكية السنوي الثامن والعشرون – Secétariat Général des Ecoles Catoliques au Liban
  • Phone: +961 4 532 200/1
  • sgec@sgec-l.org
Stay Connected:

مؤتمر المدارس الكاثوليكية السنوي الثامن والعشرون

«الحوكمة في المدارس الكاثوليكيّة من منظور الديناميّة المجمعيّة»

6 أيلول 2022 – مدرسة مار الياس للراهبات الأنطونيات – غزير

أ – حفل الافتتاح

بدعوة من اللجنة الأسقفية والأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية إفتتح صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، مؤتمر المدارس الكاثوليكية السنوي الثامن والعشرين:

“الحوكمة في المدارس الكاثوليكية من منظور الدينامية المجمعية”.

انعقد المؤتمر في يومه الأول في مدرسة مار الياس للراهبات الأنطونيات – غزير، وحضره، إلى جانب صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، غبطة البطريرك اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك الكنيسة السريانيّة الأنطاكيّة الكاثوليكيّة، وزير التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي ممثلاً فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، صاحب السيادة المطران حنا رحمة، رئيس اللجنة الأسقفيّة للمدارس الكاثوليكيّة وأعضاء اللجنة، Mgr Giovanni Bicchierri chargé d’affaire de la nonciature apostolique au Liban، أصحاب السيادة والرئيسات والرؤساء العامين والكهنة الرهبان والراهبات، الرئيسة العامة للراهبات الأنطونيات، ومديرة المدرسة المضيفة الأم جوديت هارون، السادة النواب والفعاليات التربوية والأجتماعية والقضائية والأمنية، مدير عام وزارة التربية، رؤساء الجامعات: اليسوعية، اللويزة واللبنانية الكندية، وعميدة كلية التربية في جامعة الكسليك، قائمقام كسروان، رئيس الرابطة المارونية، رئيس المجلس العام الماروني، مدير صندوق التعويضات، رئيس مؤسسة كاريتاس   Monsieur Philippe Delorme, secrétaire général des écoles cathoilques de France, et Pascal Peyrat directeur général de l’ECAM مع وفد فرنسي مرافق، د. طلال أبو غزالي، اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، اتحادات لجان الأهل، نقابة المعلمين، الهيئة الإدارية لرابطة قدامى المدارس الكاثوليكية، أعضاء هيئات الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية ومديرات المدارس ومديريها، مجموعة من الهيئات المانحة، رئيس اتحاد بلديات كسروان، ورئيس بلدية غزير، ومهتمين…

افتتح النهار باحتفال ديني ابتدأه الأب جوزف بو رعد والأخت عفاف أبو سمرا والسيدة ميراي كوبالي بالصلاة على نية مكونات العائلة التربوية وتخلله لوحة تعبيرية قدمها طلاب مدرسة مار يوسف لراهبات القلبين الأقدسين – عين نجم على أنغام جوقة الفيلوكالية بإدارة السيدة ريبيكا يوسف، ثم قام ممثل عن كل من مكونات العائلة التربوية بتجديد فعل ايمانه بالمدرسة الكاثوليكية وبدورها ورسالتها الدينية والتربوية والإنسانية.

وفي الختام تلا الاباتي هادي محفوظ الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية انجيل تلميذي عماوس وعقبته الأم ماري انطوانيت سعادة الرئيسة العامة لراهبات العائلة المقدسة المارونيات بتأمل ديني حول نص الانجيل.

ب – تقديم الحفل الإعلامي يزبك وهبه

قدّم خطباء حفل الافتتاح الإعلامي يزبك وهبه مستهلاً كلامه بالآتي:

ثمّة مثل عالمي يقول: بعد لقمة العيش أول حاجة للشعوب هي التربية… فكيف إذا كان الأمران متلازمين في بلد كلبنان وهما تقريباً على المستوى نفسه من الأهمية؟ في يومنا هذا حيث بات تأمين لقمة العيش هاجساً حقيقياً فإن التربية لا تقل شأناً والاهتمام بها أولوية قصوى كي لا نفقد هذه الميزة. ولأنه لا أحد لوحده يمكنه بحث الملف التربوي، كان لا بد من مؤتمر عام يجمع العائلة التربوية بأسرها. إنه حضور للكنيسة لتنشئة الإنسان، كل الإنسان.

وتابع، فعلى الرغم من كل الأزمات التي استعصت حلولها على الدولة حتى، ما زالت المدارس الكاثوليكية صامدة بوجهها متكلة على قدرة الله أولاً واقتناعها بدورها المشرقي ثانياً والمسؤولين عنها وعلى الدعم الخارجي والداخلي بهدف استمرار تقديم مستوى تربوي جيد لا يتأثر من خلاله الطلاب. لا تكفي الإرادة الصلبة لمسؤولي المدارس لوحدها بل هناك تضحيات المعلمين وتفهّم الأهل وإرادة الطلاب على التسلّح بالعلم رغم كل شيء ووفاء القدامى لمدارسهم.

وختم وهبه قائلاً: العين على الكنيسة لترفع من حجم مواجهتها للتحديات الحاضرة وتعمل على دعم صمود المدارس الكاثوليكية لتبقى منارة في الشرق تخرّج الطلاب من دون تمييز.

لم يعد جائزاً أن تعمل كل مدرسة بشكل فردي للتعامل مع الأزمة غير المسبوقة، بل المطلوب خطة جماعية للسير معاً نحو الحلول، من هنا بات مفهوم الحوكمة عنصراً أساسياً للتطوير والتدقيق وعصر النفقات وترتيب الأمور.

ج – كلمة الأمين العام الأب يوسف نصر

استهل الأمين العام الأب يوسف نصر كلمته بالترحيب بالحضور، وبعد الإشارة إلى الدور المفصلي للتربية والتعليم في ازدهارِ الأوطان وتثقيفِ الشعوب وتطورها، رأى الأمين العام للمدارس الكاثوليكية أنّ مؤتمر المدارس الكاثوليكيّة هذه السنة ينعقد ” في ظلِّ أزمة حياتيّة وجوديّة كبرى تخنق أنفاسَ الوطن برمّتِهِ وتهدّدُ مستقبلَ التربية فيه على مستوى التعليم العام والخاص على السواء. لقد حاولنا خلال السنة المنصرمة مواجهةَ هذه الأزمة بكلِّ ما أوتينا من قوّة عبر تفعيلُ عملِ كلّ هيئات الأمانة العامة ووضعِها في خدمةِ مدارسِنا الكاثوليكيّة… والتعاونُ مع الجامعات منها الجامعة اليسوعيّة في تنشئة المعلّمات والمعلّمين في المدارس الكاثوليكيّة في لبنان، وكذلك لتعاونُ الدائمُ مع وزارة التربية والتعليم العالي، ومع كلّ مكوّنات الأسرة التربويّة من نقابة معلّمين واتّحادات لجان الأهل، بالإضافة الى اتحاد المؤسسات التربويّة الخاصّة…

كما سعينا للحؤول دون إقفال أيّةِ مدرسةٍ أبوابَها في هذه الظروف العصيبة، لأنّ كلَّ مدرسة على امتداد رقعةِ الوطن هي حاجةٌ ماسة تجسّد رسالةَ الكنيسة التربويّة، إذ تُبقي الأهالي في قُراهم، تؤمّنُ التعليمَ للتلامذة وفرصَ العمل للمعلّمين، وتمدُّ يدَ العون لكلِّ محتاجٍ وفقير…

كما تم تزخيم التواصلُ مع الجهاتِ المانحة الداخليّة والخارجيّة التي كان لها فضلٌ كبيرٌ في بقاءِ أبواب مدارسنا مفتوحةً، ووضعِ منصّةِ الكترونية مشتركة بالتعاون مع مؤسسة كاريتاس لبنان تسمح بتوزيعٍ عادلٍ للمساعدات انطلاقًا من حالةِ كلِّ مدرسة وحاجيّاتِها، والمساعدات التي حصلتْ عليها وكيفية الإستفادة منها.

كما جهِدنا على اعتمادِ خطابٍ إيجابيٍّ معتدلٍ ومنفتحٍ على سائر شرائحِ المجتمع اللبنانيّ، في وحدةِ موقفٍ وانسجامٍ تامٍّ مع توجّهات اللجنة الأسقفيّة للمدارس الكاثوليكيّة، مما خلَق جوًّا إيجابيًّا بنّاءً في الحوار.

إلّا أنّه رُغمَ كلِّ تلكَ الجهود، ما زال الواقعُ سوداويًّا للغاية فالوضعُ السياسيّ يزدادُ تأزّمًا، والأزمةُ الإقتصاديّة الى مزيدٍ من التعقيد، مما يضعُنا أمام مفترقِ طرقٍ خطير؛ حيث السؤالَ الجوهريّ الذي يجب أن يكون همُّنا الأساس هو “ما تأثير زوال التعليم الكاثوليكيّ في لبنان على الشبيبة، على العائلة، على الكنيسة، وعلى الوطن؟ وما هي رؤيتنا للحؤول دونَ زوالِ التعليمِ الكاثوليكي؟

في هذا الإطارِ بالذات، ينعقدُ مؤتمرُنا هذه السنة واضعًا نصبَ عينيه حوكمةً جديدة لمدارسنا الكاثوليكيّة، من منظورِ الديناميّة المجمعيّة التي دعانا اليها قداسة البابا فرنسيس. إذ إنّ الواقع يحتّمُ علينا إيجاد سبلٍ جديدة لإدارةِ مدارسنِا بأسلوبٍ وحدويّ تشاركيّ، بعيدًا عن ممارسةِ السلطةِ بالطرق التقليديّة.

فالديناميّةُ المجمعيّة، كما يقولُ قداسةُ البابا فرنسيس، تعبّرُ عن طبيعةِ الكنيسةِ وشكلِها ونمطِها ورسالتِها وتقومُ على الشركةِ والشراكةِ والرسالة. هذه الديناميّةَ المجمعيّة إذا ما تمَّ تبنّيها في قلبِ مؤسّساتِنا التربويّة تؤثّر على طريقة إدارتنا للمؤسّسة وتسفِرُ عن “حوكمة جديدة” أو “حوكمة رشيدة”. هذا النوعُ من الحوكمة هو السبيلُ لمواجهة الأزمة الحاليّة واستشرافِ المستقبل وإيجادِ الحلول اللازمة.

فالشركة هي شركةُ الإيمان التي تجعل منّا أعضاءً في جسدِ يسوع السرّي أيّ الكنيسة، نعملُ جميعُنا بوحدةٍ وانسجام، هذه الشركةُ تحتّم علينا الإلتزامَ بقراراتِ الأمانة العامّة المنبثقة عن هيئاتها المختلفة، وإعتبارُ هذه القرارات ملزمةٌ على الصعيد التربويّ. وهي تحتّمُ علينا أيضًا العملَ والتعاطي فيما بيننا كجسمٍ واحدٍ بعيدًا عن روحِ التسابقِ والتناتش.​​​​​​​​         والشراكة هي شراكةٌ مع جميع مكوّنات الأسرة التربويّة من أساتذة وأهل، وهي مبنيّةٌ على الشفافيّةِ والمشاركةِ في صنعِ القرارات من قبل الإدارة، وعلى التعاونِ والثقةِ من قبلِ لجنةِ الأهل. هذا الثلاثيّ (Trépied / Tripod) هو أساسُ الحوكمةِ الجديدة المرجوّة، المبنيّةِ على الحوارِ الصادقِ والصراحة والتشارك في تحمّلِ المسؤوليّة.  ضمن هذه الحوكمةِ الجديدة، المؤسساتُ التربوية مطالبةٌ بالشفافيّة والأساتذةُ بالواقعيّة والأهلُ بالتعاون الصادق. ​

والشراكةُ تتوسّع أيضًا لتشملَ إتحادَ المؤسّسات التربويّة الخاصّة في لبنان، ما ينتُجُ عنها حوكمةُ مبنيّةُ على أسسٍ وطنيّة تربويّة صلبة تحمي التربية من خطرِ الإنزلاقِ في زواريبِ السياسة. ولا ننسى الشراكةَ الأساسيّة مع الدولة ممثلةً بوزارة التربية والتعليم العالي وعلى رأسِها معالي الوزير القاضي عباس الحلبي، ويديرُها سعادةُ المدير العام الأستاذ عماد الأشقر وكلُّ فريق عمل الوزارة؛ ومع اللجنة النيابيّة التربويّة التي يرأسها سعادةُ النائب حسن مراد وكلُّ أعضاء اللجنة؛ ومع المركز التربويّ للبحوث والإنماء الذي ترأسُه البروفيسور هيام اسحاق. هذه الشراكة تجسّدت من خلال النهجِ الذي اعتمدَه معالي الوزير الذي نحيّي قدراتِهِ الحواريّة وعملَه الدائم على تقريب وجهات النظر.

أمّا رسالةَ المدرسةِ الكاثوليكيّة، فإنها كانت وما تزال بناءَ الإنسان، كلِّ الإنسان، وتأمينَ فرصة التعلّم لكلِّ إنسان وبشكلٍ خاص للفقيرِ والمحتاج. إنّ ابوابَ مدارسِنا كانت وستبقى مفتوحةً للفقراء والتعليمُ سيبقى متاحاً للجميع. ولتحقيق ِهذا الهدف، لا بدَ من شبكةِ أمانِ إجتماعيّة تُبقي مدارسَنا صرحًا تعليميًّا متاحًا للجميع دون أيّ تمييز، تعتمدُ الحاجةَ معياراً وحيداً للمساعدة؛ ومن دون نسيان المدرسةَ المجانيةَ والمدارس المتعاقدة مع وزارة الشؤون الإجتماعية. “

وإذ أعلى الأمين العام النبرة مندّدًا بالعابثين بفرصة التعلّم للتلميذ في لبنان، وبأصوات الشؤم التي تنذر بالخراب، وبالمتلاعبين بمستقبل الأجيال، وبالانجرار وراء الاخبار الملفّقة والمضخّمة، دعا لتحمّلِ المسؤوليّة الوطنيّة، ولحوارِ حقيقيِّ بنّاء وشفّاف بين كلِّ مكوّناتِ الوطن الواحد، وللشركةِ بين أعضاءِ الجسمِ الواحد، وللشراكةِ مع كلّ تربويّ صادق حريص على مستقبل التربية في لبنان، ولرسالة تربويّة تبني الإنسان وتبني الأوطان.

وخلص في كلمته بالدعوة إلى إعلان حالة طوارئ تربوية والى انعقاد مؤتمرٍ تربويٍّ وطنيٍّ شامل، ترعاه وزارةُ التربيّة ويضمُّ كلَّ مكوّناتِ الأسرة التربويّة وكلَّ المعنييّن بالشأن التربويّ لتحديدِ خارطةَ طريقٍ تضعُ الحلولَ الممكنةَ للمرحلةِ القادمة. “كلُّ ذلك انطلاقًا من قناعتنا أنّ التربية كانت وما زالت وستبقى ميزة لبنان التفاضليّة بين كل بلدان المنطقة وثروة لبنان الحقيقيّة والفعليّة، وستبقى مدارسنا الكاثوليكيّة واحة تعليم مفتوحة للجميع، تعنى بتأمين أفضل مستوى تربويّ وتحرص على جودة التعليم وتطوّره”. وختم كلمته بشكر جميع الذين ساهموا في انعقاد المؤتمر رعاية وحضورا وإعدادا وتنظيمًا ومشاركة من فعاليات دينية وسياسيّة وأدارية وتربوية ونقابية وأكاديميّة وإعلامية وفنيّة، مجدّدا الإيمان بالرب والاتكال عليه لاستمرار المدرسة الكاثوليكية بتأدية رسالتها.

د – كلمة معالي وزير التربية القاضي عباس الحلبي

تكلم معالي وزير التربية القاضي عباس الحلبي ممثلاً فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ناقلاً تحياته وتمنياته لغبطة السيد البطريرك الراعي وللأمين العام وللمشاركين في المؤتمر، ثم أعرب عن أن المدرسة الكاثوليكية تقوم ومنذ تأسيسها بدور كبير وأشاد بالتعاون القائم بين الوزارة والأمانة العامة واتحاد المؤسسات التربوية وبالحوار القائم بين مكونات الأسر التربوية لتوحيد الموقف التربوي وإنقاذ العام الدراسي.

بالإضافة إلى ذلك دعا إلى عدم تعميم الإحباط وتحويل مجالس التربية إلى مجالس عزاء ومواجهة تداعيات الأزمة من خلال التعاون، ودعا إلى الشفافية وإلى قيام المعلمين باعتماد الواقعية وإلى تفهّم الأهل للأزمة الحالية وإلى تخلي الإدارات عن السعي لتحقيق الأرباح في ظل الظروف الصعبة الحالية.

وفي موضوع الدولرة أكّد على أننا محكومون بالقانون 515 داعياً الحضور لمراجعة النواب في حال يرغبون بتعديله، لأن الأقساط يجب أن تستوفى بالليرة اللبنانية.

وفي موضوع المدارس المجانية أشار إلى أنه أحال إلى مجلس الوزراء مشروع مرسوم لزيادة المساهمات لهذه المدارس في ظل الأزمة الحالية، وعن المناهج وتعديلها أشار إلى أن ورشة عمل خاصة بهذا الموضوع هي قائمة حالياً آملاً مشاركة الجميع بأعمالها.

وختم معالي الوزير مداخلته بتمنيات لإنجاح أعمال هذا المؤتمر بتعاون الجميع خاصةً أننا كلنا شركاء في تحمل المسؤولية.

هـ – كلمة السيد فيليب دولورم

رأى الأمين العام للتعليم الكاثوليكي في فرنسا السيّد فيليب دولورم الذي يزور لبنان للمرّة الأولى، أنّ التجارب والمحن التي تقاسيها المدارس الكاثوليكية في لبنان راهنا ليست سوى دافع إضافي لتمتين العلاقات التاريخية المشتركة والتكامليّة بين الأمانتين. وإذ عبر عن اعتقاده العميق في كون التعليم الكاثوليكي سواء في فرنسا أو في لبنان، يشكّل إجابة ملائمة عن التحديات التي تطرحها مجتمعاتنا الحالية- مع ملاحظة خصوصية كل من المجتمعين- إلاّ أن المشروع التربوي هو نفسه، كونه يستمد أساساته في إنجيل يسوع المسيح ورسالته الخلاصيّة. وبالرغم من كون المجتمع الفرنسي لا ينفك سائرا نحو العلمانية بخطى مطردة، حيث يتضاءل تباعًا تأثير الديانة المسيحية في المجتمع وتتناقص مستويات الممارسة الدينيّة، إلاّ أن دور المدرسة الكاثوليكية يبقى مفصليّا في إعطاء البشرى السارة للشبيبة. وعلى وقع الأزمات المتلاحقة في المجتمع الفرنسي من ديمغرافية واقتصادية واجتماعيّة، كان لا بد من اتباع نهج استشرافي للتكيّف مع مقتضيات المرحلة على جميع الأصعدة. وفي استعراض موجز لما تمّ السير به في فرنسا، أعتبر دولورم ان اعتماد الأسلوب الهرمي في الحوكمة سواء على الصعيد المدني أم على الصعيد الكنسي لم يعد يلقى قبولا، وبالتالي لا بد من إشراك الجميع في التغيير وفي بناء الرؤية الاستشرافية العتيدة.

وفي ختام كلمته، استشهد دولورم بالبابا فرنسيس في دعوته إلى إبرام ميثاق تربوي شامل ينضوي تحته جميع المعنيين بالتربية، كما لفت إلى وجوب أن تقاس أهمية الفعل التربوي لا بالاختبارات المقننّة فحسب، بل بالقدرة على التأثير في قلب المجتمع وبالقدرة على إعطاء حياة ومعنى للثقافة المجتمعية الجديدة.  وأنهى دولورم كلمته بالإشارة إلى أن فعل التربية هو في الصميم فعل رجاء وينبغي علينا بالتالي نحن الراشدين، أن نكون شهودًا فرحين للرجاء الذي فينا.

و – كلمة سيادة المطران حنا رحمه

اعتبر المطران حنا رحمه رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس، “أنّ ما علَيهِ المدرسَةُ الكاثوليكيّةُ اليومَ يَفرُضُ أفعالًا لِلغَدِ وليسَ أقوالًا ووُعُودًا فارِغَة، أو توصيفًا وتشخيصًا دونَ استِنباطِ حلولٍ ناجِعَةٍ ودائِمةِ الفَعالِيَّة. إنَّ العَمَل في المدرسةِ الكاثوليكيَّةِ هُوَ رسالةٌ كنسيَّة بامتياز لا تُحقِّقُ مبتغَاهَا إلاّ في ديناميّةٍ سينودُسِيَّةٍ يسير فيها معًا، وبالتّضامُنِ والتّكافُلِ مع الدّولةِ اللبنانيّة، كلُّ المعنيّين من إداراتٍ، وهيئاتٍ تعليميّةٍ، وأهلٍ، وأولياءِ أمرٍ، وتلامذةٍ من كلِّ الأعمارِ والمستوياتِ تِبعًا لحاجاتِهم على أنواعِها.” واساتكمالاً لكلمة الأمين العام، وَفِي السِّياقِ نَفسِهِ، وعَلَى ضَوءِ المِيثاقِ التَّربويِّ العالميِّ الذي أعلنَهُ مؤخَّرًا قداسةُ البابا فرنسيس، تطرق سيادة المطران رحمه إِلى ثلاثَةِ محاور طالبًا تبنيها لدى إعداد أي خارطة طريق لاحقة:

المحور الأول: الإنسانُ، كلُّ إنسانٍ في فرادَتِه وخصوصِيَّتِه، مِنْ كلِّ لونٍ وعِرقٍ وجنسٍ ودينٍ، هو صُورَةُ اللهِ ومثالُهُ. الإنسانُ هو رسالتُنا، وَقَدْ أوْكَلَه اللهُ والأهلُ والوطنُ إلى المدرسةِ الكاثوليكيّةِ. فالإنسانُ في كُلِّ أبعادِهِ هُوَ محورُ العمليّةِ التربويَّةِ في المدرسةِ الكاثوليكيّة. عَلَى هذِهِ المدرسَةِ أَن تَكُونَ مَساحَةً تُظْهِرُ فَرادَة وتَمايُزَ كلِّ تلميذٍ وتلميذَةٍ وتُساعِدُ وتُشجِّعُ عَلَى اكتشافِ واستِثمارِ مواهبِ وخصوصيَّةِ كلٍّ منهم. وعليه، فإن المدرسة الكاثولِيكيَّة مدعوة لأن تُنشّئَ إنسانًا متعدِّدَ الأبعاد (pluridimentionnel): أفقيًّا، وعامُودِيًّا، وداخليًّا.

المحورُ الثَّاني: التَّربِيَةُ الحَقَّةُ السَّلِيمَةُ. فمَهمَا كانَتِ الأسبابُ مُتَعَدِّدَةً، والظّرُوفُ قاهِرَةً، والامكانيّاتُ متواضِعَةً، عَلى المدرسَةِ الكاثوليكِيَّةِ عَدَم الـمُساوَمَةِ على نوعيَّةِ التّربيَة والتّعليم. إنَّ فضلَ المدرسَةِ الكاثوليكِيَّةِ في الحفاظِ على مستوى التّربيَةِ والتّعليم في ظروفٍ عاديّةٍ ومؤاتِيَةٍ هُوَ كبيرٌ جدًّا، ويكُونُ أكبرَ وأهمَّ وأثْمَنَ في ظروفٍ استثنائيّةٍ كالتي يمرُّ بها لبنانُ اليوم.

المحورُ الثالثُ: المشاركةُ والتعاونُ، حيث ينبغي عَلَى كلِّ المعنيِّينَ بالمدرَسَة الكاثوليكيّةِ أَنْ يَتَشَارَكُوا إلَى أقصَى حدودِ المشارَكَةِ وأَنْ يتعاوَنُوا إلى أقصَى حدودِ التّعاونِ لإنجاحِ مَهَمَّةِ التَّعلُّمِ والتَّعليمِ والتّربيَةِ في خِضَمِّ ما يَعِيشُهُ لبنانُ اليوم. المشارَكةُ والتّعاوُنُ على هذا الصَّعِيدِ هُمَا سلسِلَةٌ متعدِّدَةُ ومَتَنَوِّعَة الحلقَاتِ، إن انقطَعَت حلقَةٌ واحدَةٌ ينْفَرِطُ عَقْدُ السِّلسِلَة كُلِّهَا وَيُرمَى شبابُنا وشابّاتُنا على قارِعةِ طريقِ الجَهلِ والفَراغِ واللّامعنى. انقطاعُ السلسِلةِ يعني انفِراطُ عَقدِ التّربية السّليمةِ للإنسانِ السّليم.

وفي ختام كلمته اعتبر المطران رحمه في رؤية تفاؤلية استشرافيّة لا تخلو من نقد للواقع المزري، أنّه “في الغد، عندَمَا يُعيدُ أبناؤُنَا وبناتُنا بناءَ الدّولةِ بحسبِ معاييرِ بناءِ الدُّوَل ستَتَبَنَّى دولتُنا اللبنانيّةُ العَتيدَةُ يومَذاكَ كلفةَ التّعلِيمِ والطَّبابَةِ والتّقاعُدِ من مدخولِ الضّرائبِ، خِلافًا لـِمَا هُوَ الحالُ عليهِ الآن في دولَتِنا الـمُتَهاوِية حيثُ تملأُ الأموالُ العامّةُ جيوبَ الـمَسؤُولينَ على اختلافِ أنواعِهم ومستويَاتِهم وتتراكَمُ في حساباتِهِمْ الخاصّة في الدّاخِل والخارِج، تارِكينَ عامَّةَ الشَّعبِ تَئِنُّ من الجوعِ والعَوَز”.

ز – كلمة نيافة الكردينال جوسيبي فرسالدي

المونسينيور جيوفاني بيكيري القائم بأعمال السفارة البابوية في لبنان تلا كلمة الكردينال جوسيبي فرسالدي، حيث عبر فيها عن شكره الأمين العام لدعوته للمشاركة في أعمال المؤتمر الثامن العشرين وتضامنه الشخصي واهتمام الأب الأقدس وصلاته للبنان كي يتمكن جميع ابنائه ومختلف مكونات نسيجه الاجتماعي من إيجاد الحلول العادلة للمشاكل بما يلائم الجميع. ورأى أن الكنيسة الكاثوليكية جمعاء بتوجيه من قداسة البابا فرنسيس، منكبة على التفكير في الدينامية المجمعية سواء على مستوى الإدارة الداخلية لمؤسساتها أو على مستوى عرض نشاطها الرسولي في العالم. وبعد استعراض مقتضب لأهم النصوص والوثائق الكنسية ذات الصلة، خلص إلى أن الترابط الوثيق بين مختلف مكونات الجماعة التربوية داخل المؤسسات التربويّة كفيل بأن يرسم ملامح حوكمة تشاركية من شأنها أن تقود المؤسسات التربوية الكنسية إلى تحقيق رسالتها. كما لم يفته في ختام كلمته الاستشهاد بالأب الأقدس في معرض مداخلته في أحد المؤتمرات الرهبانية حيث أشار قداسته إلى أنه في بعض الأحيان يمكن ان تستمر الكنيسة بدعم مؤسسات خاسرة من الناحية الاقتصادية ومساعدتها على الصمود والبقاء، طالما أن هذه المؤسسات تقوم بتأدية رسالتها تجاه الضعفاء والوضيعين.

ح – كلمة راعي المؤتمر صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى

رأى البطريرك الراعي أنه من خلال موضوع هذا المؤتمر يواكب المجتمعون الكنيسة الكاثوليكيّة في مسيرتها السينودسيّة، بما تعني من شركة ومشاركة ورسالة، من أجل حوكمة أفضل في مدارسنا الكاثوليكيّة.  فالمدرسة الكاثوليكيّة، بحكم صفتها “كاثوليكيّة” تحمل بعدين: الأوّل، التزامها برسالة الكنيسة؛ والثاني، جامعيّتها أي إنفتاحها أمام الجميع، دونما تمييز. فهي مدعوّة لتكون مربّية الأشخاص والشعوب، ولتقديم تعليم نوعيّ ذي أسس علميّة وروحيّة وأخلاقيّة، تجعل منهم مسيحيّين ناشطين، وشهودًا للإنجيل، ومواطنين في بلادهم. لكي تقوم المدرسة الكاثوليكيّة برسالتها، تحتاج إلى شركة بحيث يضع كلّ واحد من مكوّنات الأسرة التربويّة-إدارة، هيئة تعليميّة، أولياء التلامذة، الموظفون التربويّون، الطلاب، المجتمع، الدولة – ما عنده من نظرة ورأي ورؤية في القضايا التعليميّة والتربويّة المطروحة. وحياة الشركة تعطي المدرسة الكاثوليكيّة وجه السينودسيّة التي تعني السير معًا، والإصغاء المتبادل، بحيث يعود لكلّ واحد أن يتعلّم شيئًا. هذه الأعمدة الثلاثة، التي تبنى عليها المدرسة الكاثوليكيّة، هي وحدة متكاملة: شركة سينودسيّة رساليّة. وعلى أساسها يتمّ إصلاح الحوكمة التربويّة والإداريّة. وتقتضي الحوكمة التربويّة الجمع المتوازن بين التقليد والحداثة، مع السهر على ألّا يذوب التقليد في الحداثة، وألّا تهيمن الحداثة على التقليد. من هذا المنطلق يرى غبطة البطريرك أن ورشة “تحديث وتطوير المنهج التربويّ” التي أطلقت في أوائل آب من العام الماضي 2021، وبوشر العمل بها في المركز التربويّ للبحوث والإنماء بمشاركة القطاع الخاص، يقتضي أن يتابع العمل بها بعيدًا عن التمثيل الحزبيّ والسياسيّ، إذ أن النزاعات الحزبيّة والسياسيّة أفسدت الإدارة في الدولة، والقضاء وفكفكت أوصال الجمهوريّة. وآخر مظهر لهذا، التدخّل الحزبي والسياسي الهدّام نراه قي عدم تشكيل حكومة كاملة الصلاحيّات لكي تمارس سلطتها الإجرائيّة، وفي فذلكات إدارة الشغور الرئاسيّ، وكأنّه أمر حاصل. والكلّ يناقض كلّيًّا الدستور، الموضوع جانبًا والمخالف يوميًّا، تأمينًا للمصالح الشخصيّة والفئويّة… وختم البطريرك كلمته ممتمنيًا لهذا المؤتمر النجاح الكامل، تمجيدًا لله، وحمايةً للمدرسة الكاثوليكيّة، والتزامًا بخدمة الإنسان المواطن اللبنانيّ لتتحقق فيه كلمة القدّيس إيريناوس: “مجدُ الله الإنسان الحيّ”.

**************

الجلسة العامة:

انعقدت هذه الجلسة حضورياً بعد حفل الافتتاح مباشرة وأدارتها البروفيسور نيكول صليبا شلهوب من جامعة الروح القدس الكسليك، وتحدّث فيها كل من:

1) الأب البروفيسور جورج حبيقه

في بداية مداخلته عبر الأب البروفيسور جورج حبيقه “النائب العام للرهبانية اللبنانية المارونية والرئيس الفخري لجامعة الروح القدس الكسليك” عن فرحه بالمشاركة في المؤتمر الثامن والعشرين للمدارس الكاثوليكية، مغتنماً المناسبة لشكر الأمين العام الأب يوسف نصر وسائر المنظمين على دعوته. وبعد تحليل ايتيمولوجي للأصل اللاتيني لفعل “ربّى” خلص إلى ابراز الطبيعة الدينامية والمعقدة والمرنة والتكيفية لهذا الفعل الذي يتطور في اتجاهين متميزين إنما متكاملين: من المربّي نحو المربّى ومن المربّى نحو المجتمع.

وبعد استعراض تاريخي على شيء من التفصيل للمدرستين الكبريين في التربية، المدرسة الأفلاطونية ذات النهج الحواري والتشاركي من جهة والمدرسة الأرسطية ذات النهج التلقيني، لفت الأب حبيقه إلى أن الدينامية المجمعية التربوية تختلف جذرياً عن النهج “المشائي الرواقي” الغني بالجدالات الفكرية الراقية، إذ إن المتعلم في الأسلوب التلقيني يتلقى المعارف ويحاول فهمها وتمثلها واستهلاكها كغذاء عقلي مقدم له من قبل معلمه صاحب السلطة المعرفية. في النهج “المشائي الرواقي” ليس ثمة نقطة انطلاق ولا نقطة وصول، بينما في النهج المجمعي ثمة هدف يقتضي بلوغه معاً. النهج السينودوسي يرتكز على شرطَين لا غنىً عنهما: الشراكة والمشاركة؛ فالمجمعية تجعل الجميع منخرطاً في الفعل التربوي بما فيهم أولياء الأمور بحيث يتمّ تجاوز الحدود الضيقة لنقل المعرفة. هذا يتطلب تغيير النظرة إلى التربية بحيث تعنى بالشخص البشري بمختلف أبعاده مما يوجب احداث تغييرات متنوعة سواء على مستوى اعداد المعلمين وعلى مستوى الأبحاث التربوية بعامة. من هذا المنظار إن السير معاً على المستوى التربوي لما يزل في طوره “المشائي الرواقي” بسبب نقص الوقت وضعف الإعداد.

وبالانتقال إلى مقاربة مسألة عيش الدينامية المجمعية على مستوى لبنان والشرق لن يكون بالأمر اليسير إذ يعتبر الأب حبيقه أن أساس الشخصية الاجتماعية قائم على الفردانية وهذا يتبدّى في جميع مفاصل الحياة من رياضية وسواها… وتماشياً مع نصائح الأب الأقدس يرى الأب حبيقه أنه لكي نكون مجمعيين يتطلب منا الأمر لزاماً أن نخصص وقتاً للمشاركة والتبادل مدعوماً بالأصالة والشجاعة في إطار من الحرية والحقيقة والمحبة.

وبعد أن شرح بشيء من التفصيل الامتدادات العملية والتطبيقية لمعنى أن نكون “مجمعيين” يخلص إلى اعتبار أنّ المجمعية ضمن دينامية تربوية متطلبة متبدية في ثلاثية الشراكة والمشاركة والرسالة الكنسية والتربوية.

2) الأب البروفيسور اكزافيه نوتشي اليسوعي

قبل البدء بمداخلته عبّر الأب اكزافيه نوتشي عن ادراكه العميق للصعوبات الجمّة التي تواجهها المدارس الكاثوليكية يومياً، ولفت إلى أنه ليس في موقع من يسدي النصائح ولا من يبدي رأياً فيما هو مطروح وكلامه سيكون بمثابة حوار من صديق إلى صديق.

وبالعودة إلى موضوع المداخلة تناول الأب اكزافيه في حديثه قسمين:

قسماً أول، يطال الرهانات والتحديات التي على التعليم الكاثوليكي في لبنان أن يجيب عنها من خلال حوكمة متجددة،

وقسماً ثانياً، يعرض فيه تجربة شخصية لطريقة تطبيق هذا الأسلوب من الحوكمة الجديدة على سبيل الاستئناس.

التحدي الأول: إعداد الشباب لتجديد هذا العالم: أشار اكزافيه في معرض كلامه على التحديات، إلى أن التحدي الأول يكمن في اعداد الشبيبة لتتولى مهمة تجديد هذا العالم، وفي هذا السياق يستلهم الفيلسوفة الألمانية – الأميركية Hannah Arendt من مقال لها بعنوان أزمة التربية حيث يستخلص نقاطاً عدة، أهمها: أن التربية ليست عمل اختصاصيين فحسب بل هي تعني الجميع. هذا المعطى يؤسس ويبرّر فكرياً المقاربة المجمعية في التربية حيث الكل معني؛ وفي السياق عينه تغدو التربية النقطة المفصلية حيث يتخذ القرار فيما إذا كنا نحب العالم حباً كافياً لدرجة تحملنا مسؤوليته لا بل خلاصه من هذا الانهيار الذي سيبدو حتمياً بدون هذا التجدد وبدون اتاحة المجال لعنصر الشباب لاستلام زمام الأمور.

إن أزمة التربية هي أبعد بكثير من أن تكون مجردة محصلة للاختلالات الوظيفية للمؤسسات التربوية والجامعية، إنها بالأحرى تكشف عن حال مجتمع قيد التساؤل، مجتمع لا يعرف حقيقة كيف يستقبل هؤلاء الوافدين الجدد (الشباب) الذين علينا أن نخلي لهم المكان يوماً ما.

التحدي الثاني: الرجاء: في هذا الإطار يتساءل الأب نوتشي هل نحن نؤمن ولا زلنا نرجو أن لله بشرى سارة يعلنها لهذا العالم الذي نحن فيه، هل نحن مستعدون للعمل في مشروعه الخلاصي؟ هذا لا يبدو واضحاً إذ، وفي إشارة إلى استطلاع رأي أجري حديثاً في فرنسا عقب أزمة الكوفيد تبيّن أن نحو 62 % من الشريحة العمرية 18-24 عبّرت عن توارد فكرة الانتحار في خاطرها مؤخراً مقابل 34 % من مجمل السكان! فالرجاء إذا ليس حقيقة بديهية إنه يتطلب جهاداً علينا جميعاً أن نتشارك فيه.

التحدي الثالث: الحوكمة المتجددة: في هذا الإطار يعتبر أن أساليب الحوكمة الهرمية أثبتت فشلها الذريع على جميع الصعد العالمية والوطنية والمحلية. وعليه يغدو أكثر من ملحّ الدخول في أسلوب جديد في اشراك جميع المعنيين عبر رص الطاقات وجعل كل واحد مشاركاً في صنع المستقبل المشترك من حيث هو. وهذا يتطلب بطبيعة الحال الفهم والشجاعة والاقتناع، وإن لم نقم بهذا الارتداد الداخلي بالسرعة المطلوبة، سنكون جميعاً أمام حائط مسدود من هنا على مؤسساتنا جميعاً أن تتبنى نهجاً تشاركياً في الإدارة مبرزةً التواصل الإيجابي والرؤيا المشتركة والقدرة على التكيّف مع المتغيرات وخصوصاً التمييز الجماعي.

وإذا كانت هذه المقاربات الآنفة الذكر قد أثبتت فعاليتها في مؤسسات متنوعة وفي سياقات مختلفة فلا شيء يمنع من أن يتم تبنيها في لبنان وبشكل خاص على صعيد القطاع التربوي.

وكمثال عما سبق طرحه قدم الأب اكزافيه مثالاً واقعياً للدينامية المجمعية اختبره شخصياً في احدى ابرشيات فرنسا حيث طلب إليه الأسقف أن يكون مسؤولاً عن احياء مؤتمر لرؤساء المدارس الكاثوليكية في الأبرشية بهدف دراسة التطورات الاجتماعية والاقتصادية والديمغرافية لإحدى أكثر المناطق فقراً شمال باريس.

وبعد سرد المراحل الست للمسيرة المجمعية المطبقة في هذه الأبرشية خلص إلى إعادة تأكيد قناعته الأولى بأنه ثمة حاجة ضرورية وملحة إلى حوكمة جديدة مع إن الأمر مكلف من حيث الوقت والموارد إلا أن هذا النوع من الحوكمة المتجددة التشاركية تجعل من كل واحد شريكاً وفاعلاً في تحقيق الهدف المشترك وتتيح بالفعل عينه تزخيم الشجاعة والابتكار اللازمين في سبيل خدمة الجميع.

وقبل الانصراف تولت الأخت نوال عقيقي منسقة أعمال المؤتمر شرح مضمون وآليات ورش العمل المقرر تنفيذها في 6 مناطق جغرافية متوزعة على كامل الأراضي اللبنانية، وذلك استكمالاً للتفكير المشترك وتطبيقاً للدينامية المجمعية في بعدها العملي.

على هذا ختم وقائع اليوم الأول الأب يوسف نصر بصلاة عفوية ذات طابع روحي وتربوي.

شكرًا لادارتكم على تغطية هذا الحدث التربوي.

مع أطيب التمنيات والاحترام،

لجنة الاعلام 03/929153

بيت مري – عين نجم، شارع فيا فيتي، ص.ب. 12532020-169، المنصورية – المتن/لبنان، هاتف وفاكس 1/532200 (04)، بريد الكتروني: sgec@sgec-l.org

‏#secrétariat_général_des_écoles_catholiques_au_liban

‏#sgec_l

#الأمانةالعامّةللمدارسالكاثوليكيّةفي_لبنان

#عين_نجم

#الحقّ #الخير #الجمال