اختتم المؤتمر السنوي الثلاثين للمدارس الكاثوليكية بعنوان “التربية على المواطنية: من أجل مجتمع أكثر ديموقراطية”، جلسات أعماله بعد ظهر اليوم، في جامعة الروح القدس – الكسليك.
وبعد صلاة افتتاحية تلتها الأخت نوال عقيقي، سرد بيان، تسلسل برنامج اليوم الثاني، كالآتي:
في جلسة العمل الأولى “تطور الوعي الوطني: ضرورة لتربية مواطنية تحويلية” التي أدارتها الدكتورة رولا أبي حبيب، أستاذة مشاركة في علم الاجتماع، ومديرة أكاديمية التنشئة على المواطنية في جامعة القديس يوسف، “الحوكمة العامة والأصيلة: ممارسة لازمة للتربية على المواطنية التشاركية”.ألقت البروفسورة ماري كلود نجم عميدة كلية الحقوق في جامعة القديس يوسف وزيرة سابقة للعدل، نظرة فاحصة على الكيفية التي تلعب بها الحوكمة العامة دورا رئيسيا في خلق مواطنين فاعلين، من خلال فهم سياق الحوكمة العامة ومكوناتها الرئيسية مثل الشفافية والمساءلة ومشاركة المواطنين والشرعية مع التركيز على دورها كآلية لصنع القرار وإدارة الشؤون العامة، وتنمية المواطنة التشاركية وأهميتها في بناء مجتمع ديمقراطي وعادل مع تشجيع المشاركة الفعالة في عمليات صنع القرار؛ و تمّ عرض دراسات حالة توضح أمثلة ملموسة للحوكمة العامة الأصيلة التي تؤدي إلى تعليم المواطنة التشاركية الناجحة.
في المداخلة الثانية: تطرقت الدكتورة فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية والمديرة الفخرية لمعهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف. في مداخلتها “التربية على المواطنية : القيم والحقوق والواجبات”، إلى “الكشف عن القوة التحويلية لتعليم المواطنة من خلال تسليط الضوء على القيم والحقوق والواجبات التي توجه حياتنا في المجتمع بهدف تشكيل أفراد مستنيرين ومسؤولين مجهزين بالأدوات اللازمة ويساهمون بشكل كبير في بناء مجتمع عادل”، مشددة على “دور القيم المدنية مثل العدالة والمساواة والمساءلة والشفافية والتسامح والاحترام في تكوين أفراد يدركون مكانتهم في المجتمع مع خلق مجتمع مستنير ومشارك ومحترم، ومبرزة الارتباط بين التربية المدنية والممارسة الواعية للحقوق الفردية والجماعية، وذلك لتعزيز استقلالية المواطنين وتقرير مصيرهم”.
في المداخلة الثالثة: “المساءلة الاجتماعية من أجل الانخراط في الحياة السياسية”. لفت البروفسور كريم بيطار أستاذ العلاقات الدوليّة ومدير سابق لمعهد العلوم السياسية في جامعة القدّيس يوسف، إلى” أهمية المساءلة الاجتماعية ودورها الأساسي في تشكيل مجتمع مدني وديناميكي”، كاشفا “المسارات التي تؤدي إلى زيادة المساءلة الاجتماعية في المؤسسات التعليمية، مما يسمح لكل طالب ليس فقط بأن يكون واعيا بحقوقه، بل أيضا فاعلا ومشاركا نشطا في بناء مجتمع سياسي أخلاقي وديناميكي، من الإشارة إلى دور وسائل الإعلام والتقنيات الحديثة في تشكيل الرأي العام وتعزيز مشاركة المواطنين والمشاركة السياسية على المستوى المحلي والمجتمعي.
في جلسة العمل الثانية:”المواطنية الناشئة : استكشاف لآفاق جديدة”، بإدارة الدكتورة ساندرا غصن عميدة كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة الحكمة، فصل الدكتور أنطوان قطاراستاذ جامعي في العلوم التربوية – فرنسا، في مداخلته:”استنهاض لمواطنية ملتزمة : بين المنهاج المدرسي والكفايات الديموقراطية”، المقاربة التي يمكن أن يكون فيها التعليم بمثابة ركيزة لتشكيل المواطنين المشاركين، المجهزين بالمهارات الديموقراطية اللازمة للمساهمة بنشاط في المجتمع وذلك من خلال منهاج راسخ محكم البناء، يهدف إلى تطوير المهارات الديموقراطية الأساسية لغرسها لدى المتعلمين مثل التفكير النقدي والتعاون والمشاركة النشطة، ومثمنا التعلم التجريبي والمشاركة المجتمعية كمكملات أساسية للمناهج الدراسية.
في المداخلة الثانية: “تنمية الرفاه الجماعي: من أجل مجتمع منشرح”، شدد الدكتور سامي نادر مدير معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، على “أهمية الرفاه الجماعي وعلاقته ببناء مجتمع مزدهر وديموقراطي لا سيما من خلال المشاركة الديموقراطية، وتعزيز العدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة، والتعاون بين الثقافات وتعزيز الروابط الاجتماعية والتضامن”ز
وقدم تحليلا لمؤشرات التنمية البشرية وجودة الحياة لتقييم الوضع الراهن، وخلص إلى أهمية الشمول والتنوع في بناء وتعزيز الرفاهية الجماعية.
في نهاية جلسة العمل الثانية، دعا المطران سيزار أسيان النائب الرسوليّ للاتين في لبنان، المداخلة الثالثة: افتداء لبنان-الرسالة : مجتمع مطمئن ومتصالح” إلى رسم أفق حيث يمكن للبنان أن يستعيد وحدته وقوته بالسير نحو مجتمع سلمي ومصالح، حيث يشكل التنوع قوة والوحدة حقيقة يجب بناؤها، مشيرا إلى “أهمية الذاكرة الجماعية في عملية الخلاص مما يساهم في التفاهم والمصالحة المتبادلة”، ومبررا “دور الحوار بين الطوائف في بناء لبنان الموحد، مع تعزيز دور آليات العدالة في الشفاء الجماعي مع الاعتراف بمعاناة الماضي و إشراك الشباب في الفداء الوطني وحثّه على المشاركة الفعالة في بناء مستقبل موحد”.
في جلسة الختام: “المدارس الكاثوليكية والالتزام المواطني” بإدارة الصحافية بيترا بو حيدر من LBCI تناول الكلام كل من:الدكتورة ميسون شهاب مسؤولة برنامج التربية في لبنان لدى اليونسكو، التي أشارت في مداخلتها إلى “دور المواطن الملتزم من أجل بيئة مستدامة عبر وعي للقضايا المحلية والعالمية التي تتصدى لها التربية المستدامة، وبناء مهارات اتخاذ القرار لمعالجة المشاكل التي تواجه الكوكب سواء على مستوى القضايا البيئية أو المشاكل الاجتماعية وأزمة القيم أو المشاكل الاقتصادية وترشيد الموارد”.
السيدة ميسم عماد رحمه مسؤولة وحدة التربية في مؤسسة أديان، أشارت إلى “دور المواطن الملتزم في تثمين التنوع الديني وارتباطه بتعزيز المواطنية عبر مراحل ثلاث بدءا من معرفة التنوع والغنى الذي يحتويه انطلاقا من فهم الآخر والعيش معه مع تخطي الأحكام المسبقة والصور النمطية، واكتشاف الإرث المشترك الطبيعي والثقافي بين مختلف مكونات الفسيفساء اللبناني، كما الشراكة والعمل معاً عبر مشاريع مشتركة لفهم أعمق للمواطنية وتطبيقاتها حتى يصبح الآخر مصدر غنى”.
الدكتورة تاسولا سمعان باسوس اختصاصية في التربية الدامجة، ركزت على “العلاقة بين المواطن الملتزم وتقبل الاختلاف عبر التربية الدامجة التي هي في عمقها أكثر من مجرد تقنيات تطبيقية كونها تستند إلى نظرة تعلي من شأن القيم الأساسيّة كتقبل الآخر ودعمه والتواصل البناء والتعاون، وهذا ما يجعلها تترسخ عبر النمذجة والتعلم بالمثال والقدوة وتتطلب كذلك تنمية مهارات المعلمين وتمهين ممارساتهم عبر وضع خطة عملية تستند إلى مبدأ العدالة أكثر منها المساواة، بحيث تبنى المقاربات التربوية انطلاقا من الحاجات الخاصة لكل متعلم”.
الدكتور داني قزي، مدير مركز التعلم الالكتروني والتعلم مدى الحياة في جامعة سيدة اللويزة، الذي أوضح “أن المواطن الملتزم في تنمية الكفايات الرقمية عليه أن يتسلح بالوعي لفهم اليات عمل التكنولوجيا حتى لا تستخدم لغايات غير سليمة أو مضرة شخصيا واجتماعيا وأخلاقيا، مما يفترض دمج التكنولوجيا في التعليم على صعيد الاستراتيجيات التعليمية وعلى صعيد التقييم بشكل يؤمن المواكبة للمعلم لإنجاز التحول الرقمي في الممارسة المهنية. كما يقتضي تطوير نظام متكامل لأخلاقيات التعامل مع التكنولوجيا خصوصا في مجال التواصل وكذلك السهر على تحقيق العدالة الاجتماعية في استخدام الإمكانات الرقمية في عملية التعليم – التعلم”.
وأخيرا، أوجز الأمين العام الأب يوسف نصر، خلاصات المؤتمر سواء على الصعيد الإداري أم على الصعيد التربوي، خاتما بشكر كل من ساهم في انجاحه. وانتهى اللقاء بصلاة ختامية طلب فيها الحاضرون “نعمة الرب لتكون مدارسنا الكاثوليكية مكانا تتاح فيه لجميع متعلمينا أن ينمو فيهم الحس الوطني فيتمثلوا ويعيشوا قيم الانفتاح والحوار والعيش معا في إطار مواطني يعزز الشفافية والمساءلة والمشاركة لبناء الخير العام”.