• Phone: +961 4 532 200/1 Fax: 04532200 ext 1
  • sgec@sgec-l.org
Stay Connected:

تحت عنوان “من المسؤول؟ كلّنا مسؤولون” وبرعاية معالي وزير التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي، نظمّت مبادرة ٤ آب والأمانة العامة للمدارس الكاثوليكيّة بالتعاون مع اللجنة الأسقفية “عدالة وسلام” نشاطًا تربويًّا ووقفة تضامنية مع الضحايا والشهداء والجرحى والمتضرّرين جرّاء جريمة تفجير مرفأ بيروت عام ٢٠٢٠، في مركز الأمانة العامة في عين نجم مساء الاثنين ٦ أيار بمناسبة عيد الشهداء.

وفي هذا السياق، أشار الأمين العام للمدارس الكاثوليكيّة الأب يوسف نصر الى انّه “انطلاقًا من حسّنا الإنساني ومسؤوليتنا نلتقي اليوم الى جانب أهالي الضحايا والمتضريين والمنكوبين من حادث انفجار ٤ آب المشؤوم”.
وأضاف أنّ “الانفجار هزّ كيان بيروت وأودى بحياة ما يزيد عن ٢٠٠ شهيد وتسبّب بدمار وخراب كبيرين، خصوصًا أنه ثاني أكبر انفجار في العالم”.
ولفت الأب نصر الى أنّ ” الجراح ما زالت تنزف وبيروت تأبى العودة الى سابق عهدها رغم مليارات الدولار التي صرفت عليها”، متسائلًا “متى ترتاح نفوس الشهداء وتشفى جروح الاهل؟”
ورأى الأب نصر أنّ “كلّ ذلك لن يحصل ما لم يظهر للعيان حقيقة ما جرى، وما لم يظهر اللبنانيون تعاطفًا بعضهم لبعض، ما لم يتوحّدوا للمطالبة بالحقيقة، ما لم تعقد النوايا لرسم مرحلة جديدة، ما لم يستعبر اللبنانيون ممّا حصل لينتقلوا الى العيش معًا  في ظلّ العدالة والمساواة تحت سقف القانون”.
وشدّد الأب نصر على أننا “في قطاع التربية نضع كل يوم جهد مضاعف لنحقق أهدافنا عبر تربية الأجيال الجديدة على الفكر المسؤول والوطني”.
وكشف الأب نصر أننا “سنعقد مؤتمرنا السنوي في ٣ و ٤ أيلول المقبل في جامعة الروح القدس الكسليك برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، تحت عنوان “التربية على المواطنية في المدرسة الكاثوليكية- من أجل مجتمع أكثر ديمقراطية”، موضحًا أنّ “التربية هي السبيل الوحيد لبناء الأوطان”.
ولفت نصر الى انّ “كلّ هذا يبقى ناقصًا ما لم يبصر النور المنهاج الجديد الذي نعتمد عليه، فالتربية توحّد ولا تفرّق تبني ولا تهدم، تعمل على توحيد الشعوب وتضافرهم ضمن خطة ترسمها الدولة بمؤسساتها الدستورية وبمشاركة المجتمع المحلي كاملاً”.
وأضاف الأب نصر: “نحتاج الى إرادة طيّبة تنبثق من قِبل أفراد المجتمع كافة”.
وأشار الى أننا “تفاجأنا خلال السنة التالية على الانفجار بأنّ المنهاج الفرنسي توقّف عند دراسة الحادثة المشؤومة من منظار علمي ونقدي، وكدراسة حالة تاريخيّة ووطنيّة وإنسانيّة”، وسأل الأب نصر: ” ما الذي  يمنعنا في لبنان من مقاربة الأحداث بروح علميّة ونقديّة لبناء وطن مسؤول؟”
وختم الأب نصر قائلًا: “نعوّل من خلال المنهاج الوطني ان يحصل هذا التغيير في عقليّة المواطن اللبناني وفي مقاربته للأمور”، لافتًا الى “تضامنه الأكيد مع أهالي شهداء المرفأ في مساعيهم الحميدة نحو كشف الحقيقة، كي لا تُدفن هذه الواقعة الى جانب حوادث أخرى مرّ عليها التاريخ لكنها لم تمحَ من الذاكرة الجماعيّة”.

من جهته، أوضح مؤسس مبادرة ٤ آب ونجل الضحية غسان حصروتي، المهندس ايلي حصروتي أنّنا “نجحنا بتنفيذ الوقفات التضامنيّة، بالحفاظ على العاطفة، بخلق مشهديّة وصورة، وببناء علاقات خاصة وعامة. لكن إن كان هدفنا فعلًا كشف الحقيقة وتحقيق العدالة، فقد فشلنا حتى الآن”.
وأعرب حصروتي عن خوفه من أن “نكون قد نسينا الوجع الذي جمعنا. نسينا الموجوعين الذّين لأجلهم اجتمعنا ورفعنا الصوت. ولم يبقى من حرقة القلب وصرخة الألم إلا الصدى. والصدى لن يتخوّل الى صوت لكنّه سيُحدث ضجّة”.
وتابع حصروتي: “سنقف مع الناس والى جانبهم، لإعادة بناء وطن يخلو من الظلم، الذي هدّمته أيدي أهل السلطة والفساد ولتحقيق العدالة”.
وأشار الى أنّ علاقة شخصية تجمعه بوزير التربية منذ عشرات السنين، مؤكدًّا أنه “على يقين أنّ وزير التربية يمكنه المساعدة لنشر الوعي والسعي لتحقيق العادلة”. وشدد حصروتي على “ضرورة توعية الجيل الجديد لتحمّل المسؤولية والمحاسبة وعدم لعب دور الضحية”.
ختم حصروتي كلامه مشدّدًا على ضرورة استمرار التحقيقات فب قضيّة المرفأ مع الجيل الجديد، وتحديد المسؤوليّات والمحاسبة، حتى نكشف الخلل ونعالجه ونحقّق العدالة، ونبني مستقبلًا أفضل.


من جهته، أشار نائب رئيس اللّجنة الأسقفيّة “عدالة وسلام” المطران مار اسحق جول بطرس الى أنّ ” التفجير خطف يومنا العاديّ، وخرقت الصدمة سكينتنا”، مردفًا أنّ “تفجير ٤ آب يزيل أيّ مفهوم للأمان والأمن والحماية الاجتماعية والدليل على ذلك عدد الناس الذّين هاجروا بعد هذا اليوم المشؤوم”.
واعتبر المطران بطرس أنّ “الوقت لم يعد آمنًا في وطننا، ولا يجب أن ننسى أبدًا ذوي الاحتياجات الخاصة الجُدد بعد الانفجار”، مردفًا أنّ ” معالم البيوت قد تغيّرت في بيروت، وكلّنا على امتداد الوطن مصابون بعد هذا اليوم”.
وشدد المطران بطرس على أنّ “الله لا يقبل بالموت ظلماًولا نريد أن نصبح أعدادًا للمآسي في روزنامة الوطن”.
وأشار الى أنّ “انطلاقًا من هذه البديهية ومن أجل أن نعيش ونتحرّك ونحيا، يجب أن نكون على دراية أنّه كلّما تكرّست ثقافة الإفلات من العدالة وعدم الاستفادة من الدروس بعد ٤ آب، سيتكرر الظلم وسنفقد إنسانيّتنا”، لافتًا الى أنّ “حجم مأساة ٤ آب كبير جدًا ومع تقدّم الوقت تزدادد الجروح، لذا نبادر اليوم كمبادرة عدالة وسلام الى السعي لزراعة حبّة الحنطة، ولندع رب الحصاد ينمّي الثمرة ويجعل الشجرة تثمر بالعدالة، فتزهر حياةً لمن بقي على قيد الخياة ويُحترم من مات”.
وختم المطران بطرس قائلًا: “المسؤولية تكمن بإيصال اليوم وما حصل في الماضي والعمل بما يتناسب وخدمة الأجيال المقبلة”، مشدّدًا على أنّنا “نرفض تكريس ثقافة الإفلات من العقاب”.

من ناحيته، اعتبر وزير التربية عباس الحلبي أنّه “ثمّة محطّات سوداء أليمة ومفصليّة منها تاريخ ٦ ايار عيد الشهداء”، مردفًا أنّ “وقفتنا اليوم هي لتذكّر أضخم كارثة عرفها العالم في التاريخ الحديث وهو تفجير ٤ آب، ولندرك دومًا أنّ الشعب اللبناني لم يسقط بالرغم من كلّ ما حصل”.
وتساءل الحلبي: “ألم بحن آن الوقت لأخذ العبر والدروس من هذا التفجير؟”، مضيفًا أنّ “الفكرة من هذا التضامن هي استخلاص الدروس والعِبَر. نحن بحاجة ماسّة الى العناية بوطننا على الصعد مافة واهمّها الاهتمام بالجيل الشاب، فهو يعيش منقسمًا بين ما يدرسه في كتب التربية الوطنية وما يعيشه على أرض الواقع”.
ولفت الحلبي الى أنّ “نكبة ٤ آب فرصة لخلق الوعي الوطني وتعزيز الأسس معاً والتطلّع لبناء وطن مزدهر”، مشدّداً على أنّ “التربية هي التزام بالقيم والأخلاقيات وتسعى الى تعزيز المسؤولية والمواطنة التشاركية عبر مناهجها وأسسها”.
وأوضح الحلبي: “لا بدّ من العمل على بناء الثقافة الوطنية للحماية من حوادث مشابهة”، مؤكدًا أننا “في الوزارة نتطلّع الى إنجاز مناهج التربية الوطنية والتنشئة المدنية، من ضمن مرحلة مشروع كتابة المناهج الجديدة”.
وأضاف الحلبي: “بات الشعب اللبناني في حاجة الى علاج نفسي ونشهد المعاناة اليومية في مدارسنا لدى الجيل الجديد، لذا يجب إدخال رؤية معالجة الصدمات في المناهج ودعم القضاء وترسيخ ثقافة القانون في التعليم”.
ولفت الى أننا “إذا خسرنا التربية ضاع منّا الوطن، لذلك نقف مع مبادرة المدارس الكاثوليكية في دعوتها ان يكون السادس من أيار يومًا تضامنيًّا مع ضحايا ومتضرّري الانفجار. كما يجب أن تتحوّل الذكرى الى مصدر للقيم وأخذ العبر”.
وشدد الحلبي على أنّ “هذه الماساة يجب أن تبقى في إطارها الإنساني والوطني وألّا تقع في فخ السياسية كي لا تصبح فئويّة وتقسم الشعب اللبناني”.
وأضاف: “سيكون يوم السادس من أيار يومًا نتذكّر فيه التفجير ونستخلص منه العبر، ونعبّر فيه عن وطنيّتنا بالوقوف تضامنًا مع أهالي الضحايا والجرحى في مدارسنا ومراكزنا التربويّة”.
وأنهى الحلبي لافتًا الى أنّ “قرارات الوزارة بما خصّ الامتحانات الرسميّة كانت منصفة وعادلة لجميع تلامذة لبنان، وموقف الوزارة ناتج عن خلفيّة وطنية وتربوية فقط، وليس كما اعتبر البعض”.
قدّمت الحفل الإعلاميّة لويزا بشارة وتمّ عرض أيقونة القديس جاورجيوس شفيع مدينة بيروت وتسليم العاصمة تحت حمايته.


وقد حضر اللقاء الأب بشار الخوري رئيس جامعة سيدة اللويز، الدكتور نايلا طباره رئيسة مؤسسة أديان، الأب أغابيوس كفوري ممثّل جماعة كنيسة من أجل لبنان، رئيس كريتاس لبنان الأب ميشال عبود، السيدة يولاند سمعان ممثّلة “تنشئة الكوادر المسيحيّة”، فضلًا عن حضور ديني وتربويّ واجتماعيّ وسياسيّ.